اسأل البيضاء

و / ٣ / ٨

السلام عليكم
ما حكم تحليل الشخصيات من خلال ملامح قسمات الوجه كشكل العين والأنف ونحوه
وكذلك من خلال الخطوط الموجودة على الكف.


الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
تحليل الشخصية عبر النظر في معالم الوجه هو ما كان يُسمى -قديمًا- "الفراسة الخَلْقية"، قال فيها ابن القيم -رحمه الله-: «استدلوا بالخَلْق على الخُلُق؛ لما بينهما من الارتباط الذي اقتضته حكمة الله». ومن ذلك مثلًا: الاستدلال بصِغر الرَّأس على صِغَر العقل، وبكبره على كبر العقل، وبُعْد ما بين جانبي الصدر على سعة خُلُق صاحبه، واحتماله وبسْطته. وبضيقه على ضيقه، ونحو ذلك.
وقد نقل هذا القول عنه -رحمه الله- جمعٌ من المتأخرين والمعاصرين.
غير أني لم أقف على نص صريح في الشرع يفيد هذا المعنى، ولا يوجد في العلم الحديث ما يؤيده.
بل من المُشاهد اختلاف شخصيات الناس الذين تتشابه ملامحهم وبنيتهم، كأبناء الأسرة الواحدة، أو الإخوة أو حتى التوائم، مع تطابق تفاصيل وجوههم.
فالذي أعتقده أن مثل هذا الربط لا يصح بإطلاق، وإن وافق الحق أحيانًا، فإنه يكثر فيه الغلط.
وقد قال ابن القيم -مع إقراره بصحة الارتباط في أصله: «فليُتأمل هذا الموضع، ولا يُعجل بالقضاء بالفراسة دونه؛ فإن القاضي حينئذ يكون خطؤه كثيراً؛ فإن هذه العلامات أسباب لا موجبة، وقد تتخلف عنها أحكامها لفوات شرط، أو لوجود مانع».

ولكن ينبغي أن يُفرّق بين ما سبق، وبين فهم دلالة حركات الوجه وإشاراته على مقاصد الناس وخفاياهم، فهذا قد يُتقنه بعض الناس، وإن كان لا يُقطع بمدلوله، كدلالة كثرة الحركة مع الارتباك، أو النظر للاسفل على الخجل ونحوه.

وكذلك يفرق بينه وبين قراءة الوجه على الطريقة الصينية، وهي القائمة على فلسفة الطاقة ومساراتها، حيث يرى الصينيون أن السبب وراء تكوين ملامح الوجه بشكل معين يرجع إلى شكل مسارات الطاقة المتعلقة بهذه الملامح، واذا تغيرت مسارات الطاقة تتغير معها ملامح الوجه وبالتالي تتغير السلوكيات الشخصية للفرد، وهذا يكون منعه بهذا الاعتبار.

كما يحسُن أن يُذكر أن ملامح الوجه قد تكون دالة على العرق، وبعض الأعراق تتصف بسمات عامة مشتركة، ولكن هذا لا ينطبق على المسؤول عنه هنا، لأن المقصود التحليل الذي يعطي معلومات تفصيلية عن الشخصية.

أما قراءة خطوط الكف والاستدلال بها على شخصية الإنسان، فممارسة قديمة متجددة.
تقسّم فيها الخطوط التي في باطن اليد إلى أقسام: خط القلب مثلاً، وخط الحكمة، وخط الحياة والحظ وغير ذلك. وبناء على انحناء الخطوط وأشكالها وتشابكها يخبر القارئ عن خفايا صفات الإنسان.
وهذا من العرافة المحرمة في الشريعة، لأن قارئ الكف ادعى معرفة ما خفي عليه من شخصية الإنسان دون قرينة صحيحة.
وهذه الصورة قليلة، وإنما الأغلب هو قراءة الكف للإنباء عن أمور مستقبلية، فتكون من الكهانة الشركية قطعًا.
وقد قال النبي ﷺ: [مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَة]، وقال عليه السلام: [ مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ].
هذا والله أعلم.


المجيب: د. هيفاء بنت ناصر الرشيد.
دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
قناة اسأل البيضاء: ‏https://t.me/ask_albaydha

تم النسخ بنجاح.