اسأل البيضاء

م / ٩٩

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسأل الله أن يوفقكم لكل خير وأن ينفع بكم ويبارك فيكم، جزاكم الله خيرًا على ما تقدمون.

سؤالي:
يبالغ البعض في مسألة الحسد؛ فأرى البعض يعَلّقن كل شيء في حياتهن على الحسد، وموسوسات كثيرًا في هذا الموضوع، فلا يزورهن أي شخص إلا ويسارعون في أخذ أثره ثم الاستحمام به أو شربه،
ويقمن بكتابة الرقية وبعض الآيات بالزعفران على ورق ثم نقع هذا الورق في ماء ثم الشرب من هذا الماء.

فسؤالي عن حكم هذه الأشياء من أخذ الأثر وكتابة الرقية ونقعها بالماء ثم الشرب منها؟
وهل فعلًا يمكن للحسد أن يسيطير على حياة الشخص ويغيرها؟ أم أن هذا من القضاء والقدر الواجب الإيمان به؟
وما هو التعامل النبوي للتعامل مع الحسد؟
ويا حبذا لو زودتموني ببعض المصادر من الكتب والأبحاث عن هذه المواضيع، وجزاكم الله خيرًا.


الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:


لا شك أن العين حق، وقد أكدت ذلك النصوص الشرعية الصحيحة،
قال ﷺ في حديث مسلم: [الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ] فالإيمان بها وبأثرها واجب لا يجوز إنكاره.

وقد أفتى العلماء بأن التحرز من الإصابة بالعين، بالتحصن بالأذكار أو بتجنب من يُعرف بالحسد مثلًا، أو بترك المبالغة في إظهار النعم أو إخفائها، لا بأس به.


يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
"والتحرز من العين مقدما لا بأس به ولا ينافي التوكل، بل هو التوكل لأن التوكل الاعتماد على الله سبحانه مع فعل الأسباب التي أباحها أو أمر بها وقد كان النبي ﷺ يعوذ الحسن والحسين".

ويقول في موضع آخر:
"وإذا كان الإنسان يلبس أبناءه ملابس رثة وبالية خوفاً من العين؛ فهل هذا جائز؟ الظاهر أنه لا بأس به؛ لأنه لم يفعل شيئاً، وإنما ترك شيئاً، وهو التحسين والتجميل، وقد ذكر ابن القيم في (زاد المعاد): أن عثمان رأى صبياً مليحاً، فقال: دسموا نونته، والنونة: هي التي تخرج في الوجه عندما يضحك الصبي كالنقوة، ومعنى دسموا؛ أي: سودوا".

أما المبالغة في الخوف من العين فقد يكون مبعثه مرض نفسي يحتاج إلى معالجة طبية، وقد يكون مبعثه ضعف التوكل ومرض قلبي يحتاج إلى معالجة إيمانية.


وعلاج العين إن لم يُعرف الحاسد يكون بالرقية، والسنة الثابتة في ذلك تكون بالقراءة والنفث ووضع اليد على موضع الألم.


وإن عُلم الحاسد فإنه يؤمر بالغسل على الصفة الواردة في السنة ويصب أثره على المعيون، هذا بالإضافة للرقية.


أما غسل ومسح أبواب المنازل ودرج مقدمة منزل المشكوك فيه ونحو ذلك فقد
قال فيه الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "هذا باطل، ولا يجوز، ولا أصل له، إنما المشروع هو إذا عُرف أن العائن فلان، أو ظُن أنه هو العائن، يُقال له يغتسل لفلان، فإذا غسل وجهه ويديه جعلها في إناء وصُبَّ على المعين، ينفعه الله بذلك، أما غسل الدرج والأرض أو التراب من الأرض كل هذا لا أصل له".

هذا والله أعلم.


المجيب: د. هيفاء بنت ناصر الرشيد.
دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
قناة اسأل البيضاء: ‏https://t.me/ask_albaydha

تم النسخ بنجاح.