اسأل البيضاء

م / ٨٤

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

جزاكم الله خيرا وثبتكم على الهدى.
أعرف امرأة ولا أزكيها على الله إن شاء الله على خير مرت بابتلاءات ولكن أظن أنه لم يتزعزع إيمانها بل أحيانا زاد إيمانها.
المهم أنها مع ما مرت به عندها -كما يقال- إيجابية مقبلة على الحياة رغم ما تمر به أحيانا من أزمات، هل هذا من نتاج إيمان المؤمن أم هبة من الله أم شيء يكتسبه المسلم كما في الحديث الشريف “إنما العلم بالتعلم” وما الفرق بين المسلم الإيجابي -وهل هذه الكلمة صحيحة في مدلولها- وبين غير المسلم عندما نصفه بأنه إيجابي.
ونجد أختنا أيضا على خير وابتلت؛ ولكن ليست كأختها هزتها الهموم، وأحيانا لعلنا نقول استسلمت، فهل هذه لم تمارس الإيجابية -طبعا الغير منحرفة-.
سامحوني لعلي لم أوضح ولكن هل يوجد إيجابية لا تخرج عن مفهوم الإيمان، بارك الله فيكم وإذا كان في سؤالي ما هو غير صحيح في العقيدة فأستغفر الله وأتوب إليه، وطبعا إن شاء الله إنتم أدرى بما تنشروه، أوضحوا لي الأمر ما الإيجابية التي لا فساد فيها في العقيدة.
والسلام عليكم ورحمة الله


الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:


مما لاشك فيه هو تباين البشر في قدرتهم على تحمل المصائب والابتلاءات وتجاوزها، ومدى استطاعتهم تخطي ما قد ينتج عن تلك المحن من تَبعات وعواقب.


وهذا التباين فيما بينهم في مواقفهم حيال مايصيبهم من أقدار مؤلمة يكون نتيجة لعدة أمور منها:


• أولاً:
الوازع الديني لدى المرء الناتج عن التأصيل العقدي الواثق بعقيدة الإيمان بالقضاء والقدر وفق منهج أهل السنة والجماعة من أكبر ما يُعين العبد على تقبل البلاء والنظرة إليه بعين الرضا أو بالعكس. كما في قول الله تبارك وتعالى:
{
مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن: ١١].

 • ثانياً:
مَلَكات وهبات جبِليّة كُل بحسب ما امتن الله بها عليه من قوة تحمل أو عدمها.
فليس الأمر كما يُروج له -بعض- أرباب تطوير الذات أن ممارسة الإيجابية المطلقة البعيدة عن الواقعية عند الإصابة بما لا يَسر المرء هي وحدها الكفيلة بأن تكون طوق نجاة له لتخطي محطات الألم، بل على العكس قد تؤدي إلى نتائج عكسية خاصة إن كانت تعتمد على الخيالات والأوهام في إنكار الواقع ومحاولة الهروب من الأزمات إلى تُرهات وسراب أحلام وردية تُسبب على المدى البعيد أعراض نفسية لا تُحمد عُقباها نتيجة الإغراق في الخيالات الإيجابية.


وختاماً أود أن أنبه على أن الخطاب الذي يحمل في طياته معاني الأمل والتطلع بنظرة متفائلة لمستقبل أفضل من أي واقع مرير، هو من هدي شريعة هذه الأمة المباركة، لأن النفوس مجبولة على قبول ما يفتح لها آفاق الفرج ويجعلها أكثر قدرة -بعد توفيق الله- على التحمل والتحلي بالصبر الجميل لتخطي أي أزمة مهما كان حجمها وأثرها.


سيتم إدارج مُرفق لعدة دراسات محكّمة حول خطورة مايسمى بالخيالات الإيجابية.


وللاستزادة:

• دراسة حول خطورة «الخيالات الإيجابية» على الواقع*:
دراسة بعنوان (الأوهام الإيجابية حول المستقبل تستنزف الإنتاجية) ‏Positive fantasies about idealized futures sap energy ‏Heather Barry Kappes, Gabriele Oettingen ‏Journal of Experimental Social Psychology, 2011

ترجمة بعض ما ورد في الدراسة: 

الخيالات الإيجابية للمستقبل المثالي وأثرها في تقليص الإنتاجية:
تسمح الخيالات الإيجابية لمن يمارسها بالاندماج الذهني في المستقبل الذي يطمحون إليه.
وقد اعتمدت الأبحاث السابقة على دراسة تلك الخيالات الإيجابية عن المستقبل والتي تبدأ بطريقة عفوية وتأثيرها السلبي على الإنجاز، في حين يقوم هذا البحث على دراسة تأثير الخيالات الإيجابية الناتجة عن تجربة غير عفوية.

وتهدف التجارب الأربع المستخدمة في هذه الدراسة لقياس الإنتاجية المنخفضة عن طريق تتبع العلامات السلوكية والفسيولوجية.


وقد أثبتت (الدراسة ١):

أن هذه الخيالات الإيجابية ينتج عنها إنتاجية أقل من تلك التي تناقش المستقبل المرغوب.


وناقشت (الدراسة ٢): الخيالات السلبية.


وتطرقت (الدراسة ٣): للخيالات المحايدة.


كما أن (الدراسة ٤): أثبتت أن الخيالات الإيجابية ينتج عنها انخفاض أكبر في الإنتاجية عندما ترتبط بحاجة ملحة.


وتوضح النتائج أن أحد الأسباب في كون الخيالات الإيجابية تعد مؤشرًا على ضعف الإنجاز؛ هو أنها لا تولد الإنتاجية اللازمة للوصول إلى المستقبل الذي قد يطمح إليه من يستغرق في مثل هذا النوع من الخيالات.


هذا والله أعلم.


المجيب: أ. لانا بنت مصطفى الطحان.
أستاذة أصول فقه.
قناة اسأل البيضاء: ‏https://t.me/ask_albaydha

تم النسخ بنجاح.