اسأل البيضاء

م / ٦١

ما رأيكم بمن يعد في أصابع يده هل يفعل أو لا يفعل ، والإصبع الأخير يكون هو القرار
إذا أراد أن يقدم على أمر واحتار في ذلك،

أيضًا من يفعل هذا في بتلات الورد؟


الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذه ممارسة يفعلها البعض على سبيل الجد أو المزاح أحياناً، ويقصدون بها القرعة، والحقيقة أنها ليست كذلك.
فصورتها نوع من التكهن، وهو من عادات الجاهلية حين التردد بين أمرين يلجؤون إلى قداح كتب في أحدها (نعم) والآخر (لا)، فيضربونها فإن خرج (نعم) مضوا، وإن خرجت (لا) أحجموا، ويسمى (الاستقسام بالأزلام).

وله صورتان في الجاهلية:
الأولى: أن يكون بحضرة صنم ويزعمون أنه المؤثر في هذا الاختيار، وهذا شرك.
والثانية: أن يحمل كل شخص قدحه أو سهمه معه، فإذا احتار أخرجهما وأجالهما، فالكلمة التي تخرج له يمضي عليها، وهو نوع من الكهانة لعدم اعتماد ذلك على سبب معقول.
قال الإمام الطبري -رحمه الله-: "الأزلام كانت لقريش في الجاهلية مكتوب عليها أمر ونهي وافعل ولا تفعل...وربما كان مع الرجل زلمان وضعهما في قرابه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما".
وقد قال الله تعالى: {وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق} [المائدة: ٣].
وهذا لا يفعله مسلم يدعو ربه ويعلم أن تدبير الأمر بين يديه.

وقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نصلي صلاة الاستخارة في مثل هذه الحال، ونلجأ إلى الله تعالى لا أن نخبط خبط عشواء. فعن جابر رضي الله عنه قَالَ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: (اللهم إني أستخيرك بعلمك , وأستقدرك بقدرتك , وأسألك من فضلك العظيم..) إلى آخر الحديث في البخاري.

كما أنه خلاف العقل فالمرء ينظر في أصلح الأمرين ويرجح بينهما بناءً على المزايا، ولا يبني على الخرص. ثم يستخير ربه ويسأله التوفيق مما قد يغيب عنه مآله.

والفرق بين هذا وبين الإقراع المباح، أن القرعة اختيار بين "أعيان" تزاحمت في الحق مع تساويها فيه، فهي متعلقة (بالأعيان) المجزوم باستحقاقها للأمر ولا يسع الاختيار إلا لأحدها.
و ليست متعلقة (بالأفعال) والقرارات المتردد فيها، ولا بمعرفة الصواب من الخطأ، ولا بكشف غيب مستقبلي.

جاء في الموسوعة الفقهية: "....القرعة تمييز نصيب موجود فهي أمارة على إثبات حكم قطعا للخصومة، أو لإزالة الإبهام، وعلى ذلك فالقرعة التي تكون لتمييز الحقوق مشروعة، أما القرعة التي يؤخذ منها الفأل، أو التي يطلب بها معرفة الغيب والمستقبل فهي في معنى الاستقسام الذي حرمه الله سبحانه وتعالى".
فالنصيحة اجتناب هذا العمل ولو على سبيل العبث والمزاح.
هذا والله أعلم.


المجيب: أ. هناء بنت حمد النفجان.
باحثة دكتوراه بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
قناة اسأل البيضاء: ‏https://t.me/ask_albaydha

تم النسخ بنجاح.