ماذا يعني أن تقذف في قلب الإنسان خواطر تخبره عما حوله؟
فيعلم ما ببطن هذه المرأة، ويعلم أن هذا أخ لهذا، ويعلم أن فلان سيدخل علينا الآن، ويعلم ما في أنفسنا، وما سيحدث له غدًا.
وأحيانًا تكون عن طريق الرؤى، فيرى من سيجلس معه غدًا، ويرى القادم والراحل، ويرى أحداثه بشكل مجمل.
ماذا يعني كل هذا؟ وهل من توجيه لمن تحدث له؟ بارك الله فيكم
مع العلم أن من تحدث له لا يدعي والعياذ بالله علم الغيب
ولا يطلب مثل ذلك، ويحاول كتمانه قدر المستطاع.
الإجابة:
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الله تعالى تفرد بعلم الغيب دون خلقه، يقول تعالى: {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: ٦٥].
ويقول سبحانه: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} [آل عمران: ١٧٩].
ويقول جل ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} [الأعراف: ١٨٨].
وعلى هذا فإن علم الغيب من خصائص الربوبية لله تبارك وتعالى، وقد يطلع الله الغيب لمن شاء من رسله كما، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ...} [الجن: ٢٦].
والغيب نوعان:
١. غيب مطلق، كمعرفة موعد الساعة، ونزول الغيث، ونحو ذلك؛ وهذا النوع لا يعلمه إلا الله.
٢. غيب نسبي، وهو ما غاب عن بعض الخلق عِلْمُه، وبلغ بعضَهم، فهذا إنما يسمى غيبًا بالنسبة للجاهل به الذي لا يعلمه، وليس بغيب للذي يعلمه.
وهذا الغيب النسبي يمكن للإنسان أن يطلع عليه بالطرق الممكنة مما يمكن به الاستعلام به ويخفى على بعض الناس.
قال ابن تيمية: "وأما ما يعلمه بعض المخلوقين: فهو غيب عمن لم يعلمه، وهو شهادة لمن علمه" انتهى من [النبوات] (2/ 1022).
أما الغيب المطلق فمن ادعاه فقد كذب على ربه ﷻ.
قال الشيخ العثيمين -رحمه الله-:
"الحكم فيمن يدعي علم الغيب أنه كافر، لأنه مكذب لله عز وجل، قال الله تعالى: {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }، وإذا كان الله عز وجل يأمر نبيه محمداً ﷺ أن يعلن للملأ أنه لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله، فإن من ادعى علم الغيب فقد كذب الله عز وجل في هذا الخبر".
وأما مايخص الرؤى فقد جعل النبي ﷺ من علامات اقتراب الساعة صدق رؤيا المسلم وتحققها، فلا تكاد تكذب، فعن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: [إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ، وَمَا كَانَ مِنْ النُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَكْذِبُ] (رواه البخاري، ومسلم).
قال العثيمين -رحمه الله-: "معنى قوله ﷺ: [رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة]، أن رؤيا المؤمن تقع صادقة لأنها أمثال يضربها الملك للرائي، وقد تكون خبراً عن شيء واقع، أو شيء سيقع فيقع مطابقاً للرؤيا …"
وعلى هذا فإن كثيراً من الخواطر المسؤول عنها هي توقعات قد يربطها بعض من يشعر بها بقرائن اعتادها أو قد تكون بلا قرائن بل توقعات مجردة وافقت الواقع، فلو تأمل السائل لوجد أنه عند النظر بشكل عام لمجمل التوقعات لا تصدق كلها وإنما يصدق بعضها دون بعض.
كما أنصح السائل أن لا يلتفت لذلك بل يشتغل بما هو أنفع لآخرته ودنياه.
هذا والله أعلم.
المجيب:
د. ثريا بنت إبراهيم السيف.
دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة المجمعة.
قناة اسأل البيضاء:
https://t.me/ask_albaydha