اسأل البيضاء

م / ٤٣

أريد رأيكم بهذه الرسالة جزيتم خيرا كثيرا
رسالة طويلة فيها:
مهارة (اللاحب)
خاطرة رائعة اقرؤوها للنهاية
عكس الأبيض أسود
وعكس النهار الليل
وعكس الجوع الشبع
وعكس الحب.
الجميع يعتقد بأنه الكره ، ولكن من أجل صحتك النفسية لابد أن تتعلم أن عكس الحب هو “اللاحب ” وهو التسامح والسلام مع الآخرين حتى لو لم تكن تحبهم أو تتقبلهم، ..
إزالتك لقاموس الكره من حياتك دليل على إسلامك وإيمانك فقد أوصانا خير البشرية قائلا: لا تحاسدوا, ولاتباغضوا, ..
إنتقالك إلى”اللاحب” يقيك من المشاعر السلبية … مما يجعلك سليم الصدر مطمئن البال فلا غل ولاحقد ولاعداوة..
‏لا يمنعنك ما تراه من عيوب وأخطاء أن تكون سليم الصدر
فأنت بذلك تتعجل بشيء من نعيم الجنة
فسلامة الصدر من نعيم أهل الجنة
(ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين)
فإذا أويت إلى فراشك تذكر رجلًا من أهل الجنة لم يكن كثير عمل ولكن كان سليم الصدر
ختاماً:
عند تغير النوايا، تتغير العطايا.


الإجابة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذه الرسالة حملت حقاً وباطلا ، فسلامة الصدر لأخيك المسلم أمر مطلوب ومحمود، والاستشهاد بالآيات والأحاديث صحيح على سلامة الصدر، مع الانتباه لضعف حديث {لا يُبَلِّغُنِي أحدٌ من أصحابي عن أحدٍ شيئًا، فإنِّي أحبُّ أن أخرج إليكم وأنا سَلِيم الصَّدر}.

ولكن هناك تنبيهات مهمة يجب ملاحظتها وتجنبها:
أولاً: طلب إلغاء قاموس البغض من حياة الإنسان أمر غير مستقيم لا كوناً ولا شرعاً، فإن من البغض ما هو من الإيمان ويؤجر عليه العبد، وهو البغض في الله تعالى، قال ﷺ: [أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله والمعاداة في الله , والحب في الله والبغض في الله عز وجل].[صحيح الجامع].
وقال ﷺ: [من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان]. [صحيح الجامع].
وقال تعالى: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} [المجادلة: ٢٢].
والميزان الصحيح أن يكون حبك وبغضك لله تعالى، لا لهوى النفس.
قال الشيخ بن باز -رحمه الله-: "فأهل الإيمان وأهل الاستقامة يحبهم حباً كاملاً، وأهل الكفر يبغضهم بغضاً كاملاً، وصاحب الشائبتين -صاحب المعاصي- يحبه على قدر ما عنده من الإيمان والإسلام، ويبغضه على قدر ما عنده من المعاصي والمخالفات".

ثانياً: التسامح والسلام ألفاظ فضفاضة وإطلاقها يوهم مقاصد باطلة، كالدعوة لوحدة الأديان وعدم البراءة من الكافر، وكلمة (الآخرين) عامة تشمل المسلم والكافر، وقد أمرنا الله تعالى بخلاف ذلك، قال سبحانه {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا بُرآءُ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} [الممتحنة: ٤].
هذا على مستوى المودة القلبية، أما على مستوى التعامل والسلوك فالتفصيل فيه مختلف ويرجع له في مظانه.

ثالثاً: الصواب في اللغة أن الحب ضده البغض، قال ابن فارس: "الباء والغين والضاد أصل واحد، وهو يدل على خلاف الحب. يقال: أبغضته أبغضه". ١/ ٢٧٤
أما مصطلح (اللاحب) فمصطلح يبدو أنه خاص بقائله، و مجرد "اللامبالاة" وانعدام الشعور، لا يحمد عليه صاحبه ولا يعبر عنه بسلامة الصدر، إنما المحمود هو الحب والبغض لله وفي الله على ما سبق تفصيله، أو مغالبة مشاعر الانتقام للمسيء والعفو عنه ابتغاء وجه الله تعالى.
قال تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} [آل عمران: ١٣٤]، [ولا يعفو عبدٌ عن مَظْلَمَةٍ يبتغي بها وجه الله إلا رَفَعَهُ الله بها].

رابعاً: عبارة (عند تغيير النوايا تتغير العطايا)، عبارة مجملة قد تحمل معنى باطلاً إذا أريد بها أن النوايا مؤثرة بذاتها في الأقدار والعطايا -كما يعبّر عنه في قانون الجذب الفاسد-، والأسلم ترك اتخاذ مثل هذه العبارات المجملة والابتعاد عن نشرها كقواعد عامة. والحذر من التسرب اللطيف للفكر الباطني المناقض لعقيدة الولاء والبراء.
هذا والله أعلم.


المجيب: أ. هناء بنت حمد النفجان.
باحثة دكتوراه بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
قناة اسأل البيضاء: ‏https://t.me/ask_albaydha

تم النسخ بنجاح.