اسأل البيضاء

م / ٢٣

استفسار عن رسالة تحمل شرحاً (للتحيات) في الصلاة ، تدعي مجالسة الملك مباشرة وإلقاء التحية عليه بدون حائل ، وحصول قوة مطلقة بذلك ، والالتقاء به وبنبيه … الخ ما فيها.


الإجابة:

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
في بيان الحق رد على الباطل، لذا يحسن الإيضاح لمعاني التشهد الصحيحة قبل ملاحظة الأخطاء في الرسالة المشار إليها.
"التحيات": هي الثناء على الله عز وجل بما يستحقه من الحمد والتسبيح والتعظيم بكل وصف يليق به كالخلق والرزق واستحقاق العبادة ونحوها.
يقول الشيخ بن عثيمين -رحمه الله-: "فالتحية في الأصل: كل لفظ أو فعل دل على التعظيم، ولهذا تكون التحية أحيانا بالقول وأحيانا بالفعل". أما اللام في قولنا (لله) فهي للاستحقاق والاختصاص كما في قولنا (الحمد لله)، أي المستحق للحمد.
"الصلوات": أي أتوجه إليك ربي مخلصا بالدعاء والعبادة فرضها ونفلها دون شريك.
و"الطيبات": تتناول معنيين ، أحدهما: أي نتوجه بالأعمال الصالحة الطيبة السالمة من الشرك لله تعالى، فإن الله طيب لايقبل إلا طيباً، والمعنى الثاني: هو نسبة الطيب من الأفعال لله تعالى.
"السلام عليك أيها النبي": السلام اسم من أسماء الله تعالى فهو السلام ومنه السلام، وهذه جملة خبرية بمعنى الدعاء بالسلامة للنبي ﷺ من النقائص والآفات، وهذا إقرار بعبودية نبينا الكريم والتبرؤ من رفعه في منزلة الألوهية، فالإله غير محتاج للدعاء بالسلامة من الآفات، وبهذا يتبين خطأ قولهم في الرسالة (تسلم على الله في هذه اللحظة تماماً)! فالله سبحانه هو السلام ومنه السلام، ولاحاجة له لتسليم عباده.
و"رحمة الله": فبالرحمة يكون الكمال ، فحين دعوت الله للنبي بالسلامة من النقائص عطفت عليها الرحمة التي بها يكون الكمال.
و"بركاته": البركة هي النماء والخير الكثير الثابت
"السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين": وهذا دعاء أيضاً نطلب فيه السلامة لنا ولعباد الله الصالحين، ببركة اسم الله (السلام)، وليس معناه إلقاء تحية على أشخاص حاضرين.

وأصل هذا الذكر العظيم الذي هو من واجبات الصلاة -ما رواه الشيخان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله ﷺ: [السلام على الله، السلام على فلان، فقال لنا رسول الله ﷺ ذات يوم: إن الله هو السلام، فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. -فإذا قالها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض- أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم يتخير من المسألة ما شاء].

وبهذا يتبين أن ألفاظ التحيات تعظيم لله ودعاء لعباده، ولا تحتمل ما ذكر في الرسالة من ألفاظ مجملة لا يعقل معناها، أوافتراء الاجتماع بالله تعالى مباشرة.

كما تحتمل هذه الرسالة معاني باطنية كقولهم "قوة مطلقة - وبلا حدود!- دائرة النور - نلتقي برب العالمين- حضرة الملك -حضرة النبي- اتصال بدون حائل!" وهي مصطلحات يطول تفصيلها.
بل قولهم: "عربون صلة- تجالس الله"، مما لا يليق في الحديث عن الله تعالى. وقولهم: "اقرأ واقصر ماشئت ولكن انتبه لمن تلقي التحية!" هو من الجهل لا من العلم.
والكمال في هديه ﷺ، لا في اجتهادات البشر وإضافاتهم.

ومثل هذه الرسائل التي تمتلئ بالدعاوى العارية عن أي دليل والإشارات الباطنية، لا يلتفت لها ويحذر من تداولها، والله المستعان.
هذا والله أعلم.


المجيب: أ. هناء بنت حمد النفجان.
باحثة دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
قناة اسأل البيضاء: ‏https://t.me/ask_albaydha

تم النسخ بنجاح.