السلام عليكم ورحمة الله.
بداية أثابكم الله على هذا الجهد المبارك وسدد خطاكم وثبتكم وأعانكم وخصوصا في هذا الزمن الذي تكاثرت فيه الفتن والشبهات.
سؤالي:
يستخدم بعض الرقاة الملح في بعض وصفات الرقى وخصوصا رقى المنازل أو تلبس الجان …
وللشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- قول في الرقية أنه يجوز استخدام ما ثبت منفعته عرفا وبالتجربة مالم يكن شركا أو محرما.
وبه يستدل من يستخدم الملح أنه ثبت نفعه، وبه يكون استخدام الملح مسوغ ودليل لأصحاب الطاقة بأن الملح طارد للشحنات السالبة.
كيف يتم إزالة هذه الشبهة ودرء مفسدتها؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الإجابة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يعود القول في هذا إلى مسألة الاجتهاد في الرقية، ويمكن إيجازه في التالي:
١. الاجتهاد في اختيار الرقى من الآيات والأدعية ونحوها، فهذا ثابت بحديث رسول الله ﷺ: [اعرِضوا عليَّ رُقاكم . لا بأسَ بالرُّقى ما لم يكن فيه شِركٌ ]، وعليه جمهور العلماء.
٢. الاجتهاد في وسائل الرقية، وهذا يعني استحداث طرق في الرقية غير مأثورة عن النبي ﷺ كالكتابة على الجسم، والكتابة بالزعفران وغير ذلك. وهذا محل خلاف بين العلماء، أجازه بعضهم ومنعه آخرون، والمنع أقرب.
٣. الاجتهاد فيما يحل محل الرقية لإزالة البلاء، وله حالتان:
الأولى: أن يكون البلاء حسيًا، فجواز الاجتهاد في أساليب علاجه ظاهر، مع الانضباط بشروط التداوي المعروفة.
وهذا كالأدوية والعلاجات الحديثة للأمراض المتنوعة.
الثانية: أن يكون البلاء غير محسوس -وإن كانت آثاره محسوسة- كالعين والمس ونحوهما.
فهذا محل خلاف كذلك، فمن العلماء من ألحقه بالأول وفتح فيه باب التجربة، ومنهم من منعه -وهو الأقرب- لامتناع قياس الأسباب الغيبية، ولأن مثل هذا يفتح الباب للممارسات الشركية والخرافية.
وتحت هذا القسم يندرج استخدام الملح في طرد الجن أو الاستشفاء من المس أو السحر.
والواقع أن هذا الباب لا ينضبط، إذ كيف يُعرف بأن العين قد زالت مثلاً؟ وأن هذا كان السبب المؤثر في زوالها؟ فإن ثبوت الحسد في الحالة المعينة ظني أصلًا، فكيف يُعلم زواله فضلًا سبب الزوال؟
وقد أفتى عددٌ من العلماء بتحريم استخدام الملح لطرد الشياطين، منهم الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-، والشيخ صالح الفوزان، وغيرهما.
أما القول بأن الملح طاقة إيجابية تطرد الجن لأنهم طاقة سلبية فقول باطل دون شك، وهو أشد خطورة من مجرد إثبات الأثر للملح، فإن القول بأن للملح طاقة إيجابية خرافة لا تستند إلى دليل علمي حسي أو عقلي، والقول بأن الجن طاقة سلبية قول مبتدع لا يثبت في الشرع، وهو تأويل للغيبيات يفضي إلى إنكارها.
هذا والله أعلم.
المجيب:
د. هيفاء بنت ناصر الرشيد.
دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
قناة اسأل البيضاء:
https://t.me/ask_albaydha