السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أختي الغالية أريد جواباً على هذه الرسالة أتتني في الواتس هل فيها شيء يخل بالعقيدة
نص الرسالة..
(من أروع ما وصلني: لا شيء في الطبيعة يعيش لنفسه.. النهر لا يشرب ماءه..الأشجار لا تأكل ثمارها…الشمس لا تُشرق لذاتها.. الزهرة لا تعبق لنفسِها.. ” فلنعِش لبعضنا “
هذا هو قانون الطبيعة فكونوا عونا لبعض، ولا تكونوا سببا لتعاسة بعضكم البعض)
وما هو قانون الطبيعة!!!
الإجابة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..وبعد:
قانون الطبيعة مصطلح منتشر بين الملحدين، سواء الملاحدة المادين أو الملاحدة الروحانيين.
فالملاحدة الماديون ينسبون للطبيعة الفعل والقدرة والتحكم بالكون بناءً على أنها الخالقة والموجدة والمدبرة وأن القوانين الطبيعية كانت وراء نشأة الكون والحياة، ووراء كل ما يحدث من زلازل وبراكين وظواهر كونية وغيرها.
أما الملاحدة الروحانيون فيقولون بأن الوعي هو القوة المتدفقة التي أوجدت الحياة وخلقت الكون ونظمت العلاقات بجميع أشكالها، وأن قوانين الطبيعة هي المبادئ التي تستخدمها الطبيعة لاستحداث كل شيء في الوجود المادي.
ويرون أن إدراك هذه القوانين الطبيعية يعني إدراك حقيقي لكيفية عمل الطبيعة.
ثم إن إدراك القانون الروحاني وممارسته واندماجه في وعي الإنسان يمكّنه من الوصول لحالة الانسجام مع الطبيعة وتحقيق كل ما يصبو إليه في حياته، من الصحة الجيدة، والطاقة والإقبال على الحياة وتحقيق العلاقات الاجتماعية وغيرها من العلاقات الأخرى، والحريّة الخلاقة، والتوازن النفسي، والشعور بحسن الحال، وراحة البال.
وكلا القولين كفر لا شك فيه، فيجب الحذر من أقوالهم، والبعد عن مشابهتهم. فمن المعلوم أن الطبيعة خلق من خلق الله تعالى لا تصرّف لها من ذاتها، وإنما تعمل بأمره تعالى وفق ما خلقها له وسخرها لأجله.
وحسب ما يظهر لي أن ماورد في الرسالة يشابه (قانون العطاء)، وهو أحد القوانين الكونية الروحانية، وهي كثيرة متعددة منها: قانون (الوفرة- الغنى- النية- التوقع- العطاء- الجذب- المسؤولية- السبب- التكوين...) وغيرها.
و(قانون العطاء) هذا يعرف بأنه قانون (الأخذ والعطاء) كذلك؛ فالكون حسب رأيهم يعمل من خلال التبادل والتفاعل المنسجم والمستمر.
فإن أردت أن تفرح امنح الآخرين فرحاً، وإذا أردت أن تحصل على اهتمام الناس وتقديرهم لك فتعلم كيف تهتم بالآخرين وتقدرّهم. فأي شيء تمنحه للآخرين حتمًا سيعود إليك ليس بالضرورة من نفس الشخص وبنفس الطريقة، لكن كن واثقًا أنك ستحصل على مقابل لما تمنحه للآخرين سواء كان مالاً، وردة، هدية، مساعدة إلخ…، بشرط أن يكون عطاؤك دون انتظار مقابل من أجل ذلك.
ويروج المتبنون والمتأثرون بالفكر الباطني الحديث لهذه القوانين الروحانية، زاعمين أنها تتماشى مع ما جاء في شريعتنا، وأن الدين الإسلامي قد دعى لهذه المعاني. إلا أن هذا الزعم باطل مردود لا يعدو كونه محاولة لأسلمتها وإكسابها طابع القبول والشرعية، فهي قوانين مرتبطة بفلسفة كفرية إحادية باطلة قائمة على عقيدة وحدة الوجود، والعمل والإيمان بها له مآلات خطيرة تناقض مسائل عقدية متنوعة.
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (لا يجوز أن يقال ولا أن يكتب " لا زال في عالمنا بعض هبات الطبيعة " ولو ادعَى في ذلك أنه مجاز؛ لأن فيه تلبيساً على الناس، وإيناساً للقلوب بما عليه أهل الإلحاد، إذ لا يزال كثير من الكفرة ينكر الرب، ويسند إحداث الخير والشر إلى غير الله حقيقة، فينبغي للمسلم أن يصون لسانه وقلمه عن مثل هذه العبارات؛ صيانة لنفسه عن مشاركة أهل الإلحاد في شعارهم ومظاهرهم، وبعداً عما يلهجون به في حديثهم، حتى يكون طاهراً من شوائب الشرك في سيرته الظاهرة، وعقيدته الباطنة، ويجب عليه قبول النصيحة، وألا يتمحل لتصحيح خطئه، وينتحل الأعذار لتبرير موقفه، فالحق أحق أن يتبع، وقد قال الأول: إياك وما يعتذر منه ".
أ.هـ . من فتاوى اللجنة الدائمة (٢/ ١٦٢).
هذا والله أعلم.
المجيب:
أ. نسرين بنت علي الجطيلي.
باحثة دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
قناة اسأل البيضاء:
https://t.me/ask_albaydha