اسأل البيضاء

ق / ١ / ٢٠

سائل يسأل عن مقطع فيديو منتشر لامرأة تتحدث فيه عن التفكير الإيجابي وقوة التفكير والكارما مع ذكر قصص سمعتها.


الإجابة:

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا القول جمع حقًا وباطلاً، فشكر الله على نعمه، والتفكير الإيجابي المعتدل أمور حسنة، أما قوة التفكير التي تخلق الواقع أو ما يسمى قانون الجذب، وقانون الكارما فهذه عقائد باطنية خطيرة.
"فالكارما" كما يُعرِّفها «قاموس الفلسفة والدين» هي: «بِنْيةُ حياةِ المرءِ باعتبارها نتاجاً لما قدم من عملٍ في وجوداته الأولى، وبناء عليه فإن هذه النظرة تتطلب إعادة التجسد أو تناسخ الأرواح كمكمِّلٍ لها».
و"التناسخ" عقيدة وثنية شرقية معروفة، تقول بأن الأرواح عندما تفارق الجسد بالموت تعود فتتقمَّص ثوبًا آخر خيّرًا أو شريرًا بحسب ما استحقت في حياتها الأولى؛ ولذا فإن أتباع هذه العقيدة ينكرون الجزاء الأخروي، وهذه عقيدة رائجة بين الباطنيين، كالنصيرية والدروز.
و"قانون الكارما" -كما تزعم الفلسفة الشرقية- هو حقيقة العلاقة بين الغيب والشهادة، وهذه العلاقة تتبع سنة مطردة تتجاذب فيها المتماثلات، فالكون عندهم مؤلف من ذبذبات، وتفكير الإنسان عبارة عن صور أو مُثُل تحوي ذبذبات هي الأخرى، فإذا استطاع المرء أن يُحكِم هذه المعادلة بين ذبذبات أفكاره وذبذبات الكون من حوله، صار شريكاً في تدبيره والعياذ بالله.

وتقسّم البريطانيةُ (آني بيزنت Annie Besant 1847-1933) مؤسِّسة «الكلية الهندوسية المركزية» قبل قرن من الزمان مكونات قانون الكارما إلى ثلاثة عناصر:
- أن الفكرة هي القوة التي تبني الشخصية؛ فكما تُفكِّر تكون.
- أن المحرك الذي نسميه رغبة أو إرادة يشدك إلى ما ترغب، فتصيرُ مُلزَماً بالذهاب إلى حيث يكون المرغوب، وحيث تُشبع تلك الرغبة.
- أن أثر سلوكك على الآخرين والتسببَ في سعادتهم أو شقائهم، يجلب لك في المقابل سعادةً أو شقاءً.

وحقيقة قانون الجذب لا تختلف عن الكارما الهندوسية، كما صرحت بذلك «آني بيزنت»؛ وبما أن تلك الملة الوثنية لا تؤمن باليوم الآخر، فإنها تجعل عذاب النفس ونعيمها أمرين حاصلين في الدنيا مترتبين على صلاح المرء أو فساده؛ وهذا المعنى هو ما يقوم عليه قانون الجذب من أن الإنسان يتصرف في قدره، فيحصد ما يزرع في دنياه من سعادة أو شقاء؛ بل هو ما يقوم عليه معتقد تناسخ الأرواح.
وابتلاء الله ﷻ لعباده ينقض قانون الكارما، فإن الله يبتلي عباده لحكم كثيرة منها:
- تحقيق العبودية لله رب العالمين.
- كفارة للذنوب، روى الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبيﷺ: [ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه، وولده، وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة] رواه الترمذي (2399) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2280).
- حصول الأجر ورفعة الدرجات، روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: [ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة، أو حط عنه بها خطيئة].
- الابتلاء يذكر المبتلى بذنوبه ليتوب منها.
هذا والله أعلم.


المجيب: د. مديحة بنت إبراهيم السدحان.
دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الأميرة نورة.
قناة اسأل البيضاء: ‏https://t.me/ask_albaydha

تم النسخ بنجاح.