السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
هل علم النفس كله أو أغلبه حول أمور الطاقة والتأمل الهندوسي؟؟ وهل من الآمن دراسته؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا.. ليس كل ما في علم النفس يدور حول الطاقة والتأمل.
فعلم النفس من العلوم النافعة والمفيدة للبشرية، ولا ينكر أحد أهميته والحاجة إليه بإجمال؛ إلا أنه يجب التنبيه على بعض الأمور المهمة التي لابد من استحضارها عند تناول هذا العلم بالدراسة أو العناية أو الاستفادة، وهي:
أولاً: نشأة هذا العلم:
علم النفس الحديث من العلوم الإنسانية التي كانت مرتبطة بالفلسفة ابتداءً، ثم بدأت بالانفصال والتمايز عنها ومحاولة انتهاج المناهج العلمية في البحث والدراسة والإثبات، فهو يقع في قنطرة بين العلم التجريبي والفلسفة؛ وعليه فإنه يوجد في علم النفس نظريات ناشئة عن بحوث علمية تجريبية، ونظريات أخرى ناشئة عن نظريات فلسفية وتصورات إلحادية عن الإنسان والكون والحياة، بالتالي فالحكم عليها لابد أن ينبني على هذا الاعتبار.
ثانياً: الإشكالية المنهجية:
يقصد بها الإشكالية الناتجة عن طبيعة الموضوع الذي هو محل الدراسة في علم النفس وهو "النفس البشرية"؛ حيث أن هذه النفس البشرية وما يتعلق بها من سلوك وعمليات وانفعالات يصعب قياساها قياسًا دقيقًا، وضبطها بالضابط العلمي التجريبي الصحيح؛ مما ينبني عليه أن النتائج التي نحصل عليها تبقى نتائج محدودة وضيقة ويصعب الجزم بصحتها.
لذا فإن النظريات الصحيحة في هذا العلم قليلة جدًا بل تكاد تكون نادرة، وجلّ ما فيه يُعدّ من الفرضيات وقبولها في الأواسط العلمية يرجع لقوة ودقة البحوث والتجارب التي خضعت لها. ثم إن لقبولها في الأواسط الإسلامية لابد من إخضاعها لضابط آخر وهو عدم مخالفة المفاهيم العقدية والمعاني الشرعية.
ثالثاً: الإشكالية المعرفية:
يقصد بها البيئة التي نشأ بها هذا العلم، وتأثرها بالخلفية المعرفية الثقافية والاعتقادية لمنظريه؛ حيث نجد أن نشأة هذا العلم تأثرت إما ببيئة الإلحادي المادي التي غالت في تقديس العقل والتجربة مع إنكار للغيب.
أو أنها تأثرت ببيئة الإلحاد الروحاني التي أثبتت المعارف الغيبية إلا أنها ضلت بطريق استمداداها فاعتمدت الفلسفة الشرقية الباطلة، واعتبرت المعارف الباطنية هي مصدر المعرفة الكامل والصحيح الذي لا يوازيه مصدر آخر.
فنتج عن هذه الإشكالية مصادمة المفاهيم الشرعية والعقدية، خصوصًا ما يتعلق بالدين والإله والإنسان.
ومعلوم أن هذه النفس البشرية فيها جانب مادي وآخر غيبي خفي، فلا نستطيع أن نتحصل على ما يتعلق بها بصورة كاملة صحيحة إلا من خلال اللجوء إلى مصادر المعرفة الصحيحة والثابتة والمعتبرة وهي العقل والحس والخبر الصادق.
رابعاً: التطفل والاستغلال الباطني والروحاني لعلم النفس:
بسبب طبيعة هذا العلم وما فيه من إشكالات، فإنه كان بيئة خصبة، رَتع فيها أصحاب الفكر الباطني؛ حيث أنهم استغلوا بعض الفرضيات غير مثبتة علميًا، وبعض المفاهيم الفضفاضة الغير منضبطة منهجياً، فجعلوها غطاء علميًا زائفًا لتمرير مفاهيمهم الفلسفية ومعتقداتهم الباطنية الباطلة في محاولة بائسة لإكسابها الشرعية والقبول؛ لذا نجد الكثير منهم يربط فلسفة الطاقة الكفرية وتطبيقاتها المتنوعة بعلم النفس.
وعلى ذلك فإنه لابد من التأكيد على أن علم النفس بصورته الغربية في حقيقة أمره لا يناسب المجتمع الإسلامي. وإن كانت هناك فائدة فتكون فيما كان منطلقه تجريبي بحت فيقبل في مجال ضيق جدًا، مع التأكيد على عدم مخالفته المفاهيم العقدية والمعاني الشرعية.
كما يجب الحذر وعدم الانخداع بما يروج له باسم علم النفس، ولابد من الرجوع دوماً لأهل الاختصاص في علم النفس ذو الخبرة الشرعي.
وعلى من يرغب بدراسة هذا العلم أن يكون على معرفة ودراية وحصانة شرعية كافية لتميز الصحيح من السقيم في هذا العلم.
هذا والله أعلم.
المجيب:
أ. نسرين بنت علي الجطيلي.
باحثة دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
قناة اسأل البيضاء:
https://t.me/ask_albaydha