اسأل البيضاء

ط / ١٢٥

حساب يتحدث عن حلول المشاكل وفك السحر وخلافه، بواسطة ما يسميه ب(الطاقة الروحانية) وينسب لها من القوة والقدرة ما لا يوصف، لأنها حسب ما يذكر الحساب مصدرها الروح، والروح نفحة من الله، ويستدل على ذلك بقشعريرة البدن ودمع العين حين تلاوة القرآن، ويدعي أن ذلك من مظاهر تجليات الطاقة الروحانية، وينسب للآيات قوة شفائية من مظاهر تلك الطاقة الروحانية.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أريد رد لهذه الرسالة
جزاكم الله خير ونفع بكم.


الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: قولهم: "الروح نفحة من الله والطاقة تصدر منها ولك أن تتخيل قوتها" هذه مغالطة بيان الخطأ فيها من وجهين:
١. إن كان مقصودهم أنها مخلوقة لله، فالجسد كذلك مخلوق لله تعالى وكل شيء مخلوق له سبحانه وتحت تدبيره وقهره.
إلا أن الروح مخلوق غيبي لم نؤت من العلم بشأنه إلا يسيراً، وبالتالي فالحديث عنها يفتقر إلى الدليل، ولا تقبل بخصوصها أي معلومة مجردة.
وهي كسائر المخلوقات لها صفات المخلوق الذي يسبق وجوده بالعدم، وقد تكون في جسد مؤمن أو جسد كافر أو فاسق، وقد تكون روحاً زكية أو شقية، فلا تمدح الروح بإطلاق، ولا توصف الروح بالصفات المطلقة، فتشابه بذلك صفات الخالق، ولا دليل أن هناك طاقة صادرة عنها، كل ذلك من الادعاءات الباطلة والقول بلا علم.
٢. وإن كان مقصودهم بنفحة من الله، أنها جزء منه تعالى، أو صفة له؛ فيستلزم ذلك أن المخلوق فيه جزء من خالقه!، وهذا قول باطل منكر، مصادم لنصوص الكتاب والسنة، قال تعالى: {وجعلوا له من عباده جزءاً إن الإنسان لكفور مبين}. وقال تعالى: {لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد}، فلا شبيه له ولا مثيل له ولا مكافئ، والجزء لابد أن يكون فيه شبه من أصله، فبطل أن تكون الروح جزء من الله تعالى.
أما إضافة "الروح" لله تعالى في الآيات، فهو من باب إضافة المخلوق لخالقه، لا من باب إضافة الصفة للموصوف، كقوله تعالى: {وطهر بيتي}، وقوله: {ناقة الله} ومثلها: "روح الله".
قال ابن تيمية -رحمه الله-: "فليس في مجرَّد الإضافة ما يستلزم أن يكون المضاف إلى الله صفةً له؛ بل قد يُضاف إليْه من الأعيان المخلوقة.. ما ليس بصفةٍ له باتِّفاق الخلق؛ كقولِه تعالى: "بيت الله"، و"ناقة الله"، و"عباد الله"؛ بل كذلك روح الله عند سلَف المسلمين وأئمَّتهم وجُمهورهم". وقال ابن القيم -رحمه الله-: "فأجْمعتِ الرُّسل صلوات الله وسلامه عليهم على أنَّها -أي الروح- محدَثة مخلوقة، مصنوعة مربوبة مدبَّرة، هذا معلوم بالاضطِرار من دين الرُّسُل صلوات الله وسلامه عليهم". إذن: ليست الروح جزء من الله تعالى، ولا صفة من صفاته.

ثانياً: تسمية الخشوع والإيمان بالطاقة، تسمية لا أصل لها، فهذه الأمور المذكورة-من التأثر بآيات القرآن وتأثيرها-؛ لها مسميات شرعية، كالخشوع، والإيمان، ولم يرد في القرآن ولا في السنة تسميتها بـ"الطاقة الروحانية"، قال تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}. وقال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ}، فسمى تأثرهم إيمانًا وخشوعًا.
وبيّن أن المؤثِر هو كلام الله تعالى- الذي هو صفة من صفاته-، وما فيه من المعاني العظيمة التي تتحرك لها قلوب المؤمنين فتخشع وتزداد إيمانًا، وهذا التأثير سببه هدى الله الذي يهدي به من يشاء.
فتبين أن قولهم "طاقة روحانية مصدرها الروح" تسمية غير شرعية، ودعوى لا دليل عليها ولا حقيقة لها، ولا مفهوم لها، فلا يلتفت لمثل هذه التلبيسات والادعاءات المصادمة لحقائق الوحي.
والله أعلم.


المجيب: أ. هناء بنت حمد النفجان.
باحثة دكتوراه قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
قناة اسأل البيضاء: ‏https://t.me/ask_albaydha

تم النسخ بنجاح.