| إيش دخـّلك ؟! |
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
كنت أتابع بعض الحوارات التي تدور بين مؤيدي علوم “الوعي” و”الروحانيات الحديثة” وبين المتحمسين في بيان مدى مخالفة هذه العلوم للعقيدة عبر إحدى وسائل التواصل، فوجدتُ عبارات متكررة يلقيها المؤيد على المعارض تحملُ -في مضمونها- نفس الدلالة أو المفهوم:
( أنتم أيش دخلكم؟! )
( اللي مو عاجبه لا يتابع! )
( دعوا الخلق للخالق! )
( انشغلوا بأنفسكم! )
ونحو ذلك من العبارات التي تنم عن عدم تصورٍ للمقاصد الشرعية، وجهل بالأصول التي قام عليها الدين، وشعيرة تميزت بها هذه الأمة على سائر الأمم، ألا وهي:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه} آل عمران: ١١٠
لكن الأمر ليس متعلقا بالخيرية والفضل فحسب، بل إن ترك هذه الشعيرة من موجبات غضب الله وعموم عقابه.
فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: [والَّذي نفسِي بيدِه، لتَأمُرنَّ بالمعروفِ، ولتَنهونَّ عَنِ المنكرِ، أو ليوشِكنَّ اللهُ أن يبعثَ عليكم عِقابًا منه، ثمَّ تدعونَه فلا يُستجابُ لكم] رواه الترمذيُّ، وقال: حديثٌ حسن.
ولما سُئل النبي ﷺ -كما في صحيح البخاري-: أنهلِكُ و فينا الصالحون؟
قال: [نعم، إذا ظهَر الخَبَثُ].
أي: انتشر المنكر بلا نكير.
بل إن ترك إنكار المنكر من أسباب اللعن والطرد من رحمة الله.
قال عز من قائل: {لُعِنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِیسَى ٱبۡنِ مَرۡیَمَۚ ذَ ٰلِكَ بِمَا عَصَوا۟ وَّكَانُوا۟ یَعۡتَدُونَ كَانُوا۟ لَا یَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرࣲ فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ} المائدة: ٧٨-٧٩
وإنكار المنكر هو استجابة لأمر المصطفى ﷺ حين قال:
[مَنْ رَأَى مِنْكُم مُنْكرًا فَلْيُغيِّرْهُ بِيَدهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطعْ فبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلبهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمانِ] رواه مسلم.
وهو من خصائص المؤمنين والمؤمنات، كما في قول الله تعالى:
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} التوبة: ٧١
وعكس ذلك من خصائص المنافقين:
قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} التوبة: ٦٧
فإذا قال صاحب المنكر أو من يناصره:
( إيش دخـّلك ؟ )
فاستحضر ما مضى من النصوص، واعلم أن ما تفعله -ما دام منضبطًا بضوابط الشرع في الإنكار- سبب في وقاية نفسك والمنصوح والمجتمع بأسره من غضب الله وعقابه.
والله المستعان.
~ هيفاء بنت ناصر الرشيد