علم التنجيم: هل هو علميٌّ؟
فريق البيضاء للترجمة

قد يبدو أن للتنجيم سند علمي من بعض الجوانب؛ فهو يستخدم المعرفة العلمية عن الأجرام السماوية، بالإضافة إلى أدواتٍ تبدو -من خلال أسمائها- أدوات علمية، مثل: خريطة النجوم.
وكما تُولِّد المبادئ العلمية التوقعات التجريبية، فإن بعض الأشخاصِ يستخدمون التنجيمَ لتوليد توقعاتٍ حول الأحداث المستقبلية وشخصيات الناس، ويدَّعي بعضهم أن التنجيم “علم” مدعوم بالأدلة، والتي هي تجارب لأشخاص “وشعورهم” بأن التنجيم نافع، ورغم تزيين التنجيم بهذه الزخارف العلمية، يبقى السؤال: هل يقدم (التنجيم) طريقة علمية موثوقة للإجابة عن الأسئلة؟
سنستخدم قائمة التدقيق العلمي لتقييم إحدى الطرق التي يشيع استخدام التنجيم فيها، ثم عليك أن تـقيِّم بنفسك إذا كنت تعتقد أن التنجيم جدير بأن يُعَد علمًا.
هل يركز التنجيم على العالم الطبيعي؟
الفرضية الأساسية للتنجيم هي أن للأجرام السماوية -الشمس والقمر والكواكب والأبراج- تأثيرًا على الأحداث الأرضية، أو لها ارتباطٌ بها.
هل يهدف التنجيم إلى تفسير العالم الطبيعي؟
يستخدم التنجيم مجموعةً من القواعد حول المواقف والحركات النسبية للأجرام السماوية لتوليد تنبؤات وتفسيرات للأحداث على الأرض، وسمات للشخصية الإنسانية، فعلى سبيل المثال: تستخدم بعض أشكال التنجيم للتنبؤ باحتمالية أن يصبح الشخص الذي ولد بعد الاعتدال الربيعي -تحديدًا- رائدَ أعمال.
هل يستخدم التنجيم أفكارًا قابلة للاختبار؟
بعض توقعات التنجيم عامة جدًا، لدرجة أنه بالإمكان تفسير أيّ حدث على أنه متوافق مع تلك التوقعات، وعليه يكون التنجيم غير قابل للاختبار. لكن بعض المنجمين استخدموا التنجيم لتقديم توقعات محددة للغاية، يمكن التحقق منها عن طريق مقارنتها بما يحدث في العالم الطبيعي، فعلى سبيل المثال -وفقًا للتنجيم-: تؤثر علامة برج المرء على قدرته على فرض الاحترام والسلطة! ولأن هذه السمات مهمة في مجال السياسة، فقد نقول إنه لو كان التنجيم يكشف عن شخصيات الناس حقًا فمن المفترض أن تكون الأبراج الخاصة بالعلماء هي الأبراج التي يصفها المنجمون بأنها متوافقة مع العلم، ولكن الدراسات أثبتت بطلان ذلك. ولذلك نقول إنه في الحالات التي يقدم المنجمون توقعات محددة -كهذه- فستكون تلك الأفكار عند ذلك قابلة للاختبار.
هل يعتمد التنجيم على الأدلة؟
في الحالات القليلة التي تم فيها استخدام التنجيم لتقديم توقعات قابلة للاختبار، وتم فحص النتائج في دراسة متأنية، لم تدعم الأدلة صحة معطيات التنجيم، وهذه التجربة والنتيجة شائعة في العلوم التجريبية؛ إذ غالبًا ما يختبر العلماء الأفكار، ثم يتبين من خلال الدراسة أنها خاطئة. ومع ذلك فإن إحدى السمات المميزة للعلوم التجريبية هي أن الأفكار يتم تعديلها عندما لا تدعمها الأدلة ونتائج الدراسات، ولكن التنجيم لا يغير أفكاره استجابة للأدلة المتناقضة.
هل شارك المجتمع العلمي في دراسة النتائج؟
لا تُعد مشاركة نتائج الدراسات وتقييم نتائج الآخرين بشكل ناقد جزءًا أساسيًا من الممارسة في التنجيم، فيمكن أن يقضي المنجم حياته المهنية بالكامل دون أن يقدِّم نتائج دراساته في اجتماع علمي، أو ينشر مقالًا علميًا واحدًا. وعندما ينشر المنجمون المقالات فإنها عادةً لا تخضع للتحكيم، ولا تُنشر في المواضع التي يتم تدقيقها ونقدها من قبل المجتمع العلمي.
هل تؤدي النتائج إلى البحث المستمر؟
لقد توقفت الدراسات العلمية التي تجرى على التنجيم بعد أن فشلت في إثبات صحة مبادئ التنجيم. وإلى يومنا هذا لا توجد حالات موثقة تدل على مساهمة التنجيم في أي اكتشافٍ علميٍّ جديد.
هل يتصرف الباحثون وفقًا للمنهج العلمي؟
لا ينتظر العلماء قيام الآخرين بتقديم البحوث لدعم الأفكار التي يقترحونها أو مناقضتها، بل يسعون جاهدين لاختبار أفكارهم بأنفسهم، ومحاولة التوصل إلى حجج مضادة وفرضيات بديلة، والتخلي -في النهاية- عن الأفكار عندما تفندها الأدلة.
وفي المقابل لا يبدو أن المنجمين يهتمون بفحص مبادئ التنجيم التي يقبلونها بشكل دقيق، ويظهر ذلك جليًا في المستوى المتدني للبحث العلمي في هذا المجال. وكذلك فإنهم نادرًا ما يحاولون اختبار حججهم بطرق عادلة، وإضافة إلى ذلك فمجتمع التنجيم يتجاهل -إلى حدٍّ كبير- الأدلة التي تتعارض مع أفكاره.
وبناء على ما سبق يمكنك الإجابة عن هذا السؤال: هل يمكن أن يعتبر التنجيم علمًا فعلًا؟
أما نحن فنقول: إن التنجيم ليس طريقة علمية للإجابة عن الأسئلة. وعلى الرغم من أن المنجمين يسعون لتفسير العالم الطبيعي، إلا أنهم لا يحاولون عادةً إجراء تقييم ناقد لمعرفة ما إذا كانت هذه التفسيرات صحيحة أم لا، وهذا جزء أساسي من العلوم.
يقيِّم المجتمع العلمي أفكاره مقابل الأدلة من العالم الطبيعي، ويرفض أو يعدِّل تلك الأفكار عندما لا تدعمها الأدلة، بينما لا يعتمد المنجمون هذا المنظور الناقد في أفكارهم الفلكية.