مقالات البيضاء

النسبية ونسف النص الشرعي

أ. عفاف العتيبي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين…

وبعد…

فإن الله جل وعلا قد خلق الإنسان لغايات معينة إذا حققها فإنه يبلغ ما وعده الله سبحانه به، فقد خُلق الإنسان لتوحيد الله جل وعلا، قال تعالى: “وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون”، وقد جعل الله للإنسان إطاراً من منظومة الأخلاق والمثل العليا يتحرك فيها بطرق شرعية متوازنة تحقق له العيش الرغيد والتوازن النفسي الكامل متى ما قام بما افترضه الله عليه. ومتى ما خرج خارج إطار الدين حصل له من الضنك والألم بقدر خروجه، قال تعالى: “ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى”.

وعلى ذلك، فإنا نجد أن الناس مهما اختلفت مشاربهم وثقافتهم يتفقون على الحاجة لما يقودهم على الطريق الصحيح، وإن مما ينبغي التنبه له والاهتمام به مع ما يموج به العصر من شبه فكرية أن يكون القائد للمسلم النص الشرعي الصحيح على فهم السلف الصالح فإذا وجدت هذه القناعة الراسخة لدى الإنسان فإنه لن يتحول عنها بحول الله، ولقد انتشرت مؤخراً قضية النسبية في الحقائق والقيم، وتعني أنه لا يوجد حقيقة مطلقة فالأمر يحتمل أن يكون حقاً ويحتمل أن يكون باطلاً في نفس الوقت والقيمة تحتمل التغيير والتبديل حسب المجتمع وحسب تطورات العصر.

وممن اهتم بهذا الموضوع واستخدمه لخدمة أغراضه وترويج معتقده أصحاب حركة العصر الجديد والذين يرون أن معيار الحقيقة أو القيمة هو الإنسان نفسه وهذا متعذر لعدة أسباب:

  • أن الحق سيكون متعدداً وهذا مستحيل شرعاً وعقلاً، أما شرعاً لقوله تعالى: “وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون وأما عقلاً فإنه معلوم بالضرورة أنه لا يمكن أن يكون الشيء حقا وباطلا في وقت واحد إذ أن هذا من التناقض، ومعلوم أن اجتماع النقيضين مرفوض في بديهيات العقول. 
  • أنه لا فائدة من إرسال الرسل إذ سيكون من العبث -جل الله عن ذلك- أن يبُعث رسول بأمر ويدعو جميع الناس إليه والحقيقة غير ذلك إذ كل فرد منهم لديه الحق الخاص به.
  • أنه لن توجد منظومة مجتمعية تحكم حياة الناس وتبين لهم الصواب من الخطأ، مما يسهل نشر الفوضى بين الناس.
  • أنه لا يوجد حقوق للفرد وواجبات عليه بل ما سيحقق مصلحته فسيفعله ولو أضر بالمجتمع.
  • والأهم من ذلك كله أنه سينسف الشرع ولن يصبح للنص الشرعي معنى يؤخذ به ويتحاكم إليه.

والذي ينبغي أن يستقر في الأذهان أن المعيار الحقيقي للقيم والأخلاق هو الإسلام إذ هو المنظومة الوحيدة التي لا يمكن أن يتطرق إليها النقد أو النقض لأنه جاء من لدن حكيم خبير.

۱٤۳۹هـ


*هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يمثل – بالضرورة – رأي الناشر.

المقالات الأخيرة