إنَّها ليست المرَّة الأولى التي أتطرق فيها لهذا الموضوع؛ فقد كتبتُ تدوينات سابقة عن خرافة (الريكي)، وكذلك بعض زملائي، وهذه مشكلتي مع (الريكي): إنه بكل بساطة ووضوح… هراء!
قد يتسائل قارئ بسيط: “لماذا ترفضُ الـريكي إلى هذا الحد؟” وسأجيبه عن ذلك في نقطتين:
- الريكي سُخافيّ مُتَفَّه:
حسنًا، لقد اختلقتُ هذه العبارة، وهذه نقطة اشتراك بيني وبين مؤسس (الريكي)؛ ففي عام 1922م صام (ميكاو أوسوي Mikao Usui) فوق قمة جبل في اليابان، وزعم أنَّه تلقى وحي (الريكي)! وبتعبير آخر: اختلق الأمر!
لا يعتبر مفهوم (تشي) -طاقة الحياة- غريبًا على الثقافة اليابانية؛ لذا فإن مؤسس (الريكي) لم يبتكر فكرة طاقة الحياة؛ ولكنه اختلق النظام الكامل لعلاج الطاقة المزعوم. ومع ذلك، فإنَّ (طاقة الحياة) كمفهوم تعتبر مُفارقة تاريخية مروِّعة، ويعود منشؤها إلى زمن يسبق فهم مبادئ علم الأحياء، إذ لا وجود لــ (طاقة الحياة)؛ نظرًا لعدم قابليَّتها للقياس، فملاحظتها غير ممكنة، وكذلك لا يمكن ملاحظةُ تأثيرها.
وفي الحقيقة فإن (الريكي) ليس أكثر من كونه تلك الفكرة القديمة للنظرية الحيوية التي فقدت مصداقيَّتها؛ والتي كانت تزعم أن هناك قوة حياة غير ماديَّة، منفصلة عن الجسد المادي.
وهذه النظرية الحيوية غرست بعض الحماقات الحديثة الأخرى، مثل (ثنائية مايكل إيجنور بين العقل والجسم)، ومجرد السماح بممارسة طبية غير معقولة واحدة، سيفتح الباب لكل شيء بعدها.
وقد لخص أحد مواقع (الريكي) شيئًا قريبًا من ذلك بقوله: “لا يعتمد استخدامُ (الريكي) على مستوى الذكاء، أو التطور الروحي للفرد؛ وهذا ما يجعله متاحًا للجميع”. لكنَّ هذا مُناقضٌ للواقع؛ فكل شيء يعتمد على القدرة الفكرية للفرد، خاصة الطب البشري، فهو مجال يتطلب الكثير من الناحية الفكرية، ولا يكفي أن يملك الطبيب خبرة في علم الأحياء البشري، بل تلزمه القدرة على قراءة وفهم الأدلة التي تدعم الممارسات المختلفة. أدلة؟
- لا وجود للأدلة!
فعلًا لا وجود لها، فأنا أقوم -بين الحين والآخر- بمراجعة الدراسات لمعرفة جديد الممارسات العلاجية المختلفة ذات الأتباع المتعصبين، فأجد العشرات من الدراسات البدائية وتقارير الحالات عديمة الفائدة تقريبًا، بينما معظم التجارب فشلت في إظهار أي فائدة لـ(الريكي)، فهو أقرب ما يكون إلى الدواء الوهمي.
الدراسات البدائية عادة تتناول مدى سلامة ممارسة (الريكي)، ومن ذلك -على سبيل المثال- ما نُشر في مجلة الطب البديل والتكميلي -وهو ليس محلًا يُتوقع رفضه – من المقالة التي تضمّنت تجربةً عشوائيةً لعلاج الألم العضلي الليفي باستخدام (الريكي)؛ وماذا كانت النتيجة؟ “لم يؤثر (الريكي) ولا اللمس في تخفيف أعراض الألم العضلي الليفي.
يجب دراسة طرائق العلاج بالطاقة كــ(الريكي) بدقة قبل التوصية بها للمرضى الذين يعانون من أعراض الألم المزمن”.
فلو كان (الريكي) علاجًا واعدًا، فلمَ قياسُ تأثيره بهذه الصعوبة؟
إن (الريكي) لا يختلف عن أي ممارسة أخرى من أنواع المعالجات الروحانية، فهناك الكثير من الممارسين المؤثرين والأتباع السذج وكثير من الناس الذين يريدون ضمان عدم وجود من يفتش ورائهم؛ فيكتشف الأموال التي يجنونها من جيوب المرضى.
وممارسوا (الريكي) لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم ممارسين صحيين، مما يجعلهم ملزمين بالترخيص والإشراف والرقابة، وفي نفس الوقت يدَّعون القدرة على إحداث أثر إيجابي ملموس على صحة الشخص، فأي الأمرين تريدون؟ هل أنت معالج أم لا؟
إن كنت معالجًا فمن المفترض ألا تخاف من الترخيص!
فإذا سلمنا أن مُعالج (الريكي) يستطيع التحكم بطاقات الجسم من أجل العلاج والخير، فهو يستطيع أيضًا أن يتلاعب بها لجلب الداء والمرض والشر؛ أفلا ينبغي أن يكون لدينا مجلسٌ للتحقيق في استخدام (الريكي) بين الخير والشر، لتجنب سحر الناس والتأثير عليهم؟
إن (الريكي) لا يختلف عن أي احتيال آخر؛ فهو ممارسة غير مثبتة، وغير قابلة للتحقق، وتستند إلى أفكار مشوهة حول جسم الإنسان، والذين يمارسونها -غالبًا- يطمعون في كسب المال على حساب المحتاجين والمرضى.
فيا للعار!
ScienceBlogs شبكة مدونات غير ربحية تم إنشاؤها بواسطة Seed Media Group للتثقيف العلمي من أطباء وأساتذة وباحثين.
المقال المترجم يتضمن معلومات يمكن الاستفادة منها، ولا يلزم من نقله موافقة الكاتب في منطلقاته أو إقرار معتقده وتوجهاته.