هل سمعت مؤخرًا بأن وكالة ناسا قامت بتغيير علامات الأبراج؟
إنها إشاعة بلا شك؛ لأننا -في وكالة ناسا- ندرس “علم الفلك” وليس “علم التنجيم”، ولم نقم بأي تغيير يخص علامات الأبراج، وإنما أجرينا حساباتنا اللازمة فقط، وإليك البيان مفصَّلًا:
التنجيم مغايرٌ لـعلم الفلك: يختص “علم الفلك” بدراسة كل شيء في الفضاء الخارجي، ومما هو معلوم عند علماء الفلك -وغيرهم- أن النجوم التي تبعد عدة سنوات ضوئية ليس لها أي تأثير على الحياة البشرية؛ وعليه: فإن ما يسمى بـ “علم التنجيم” هو شيء مختلف عن علم الفلك، وليس بعلم على الإطلاق؛ إذ لم تثبت دعاوى إمكان استخدامه للتنبؤ بالمستقبل، أو التأثير على الأحداث البشرية.
وبالنظر إلى خرائط النجوم نجد خارج إطارها بعض الرموز الغريبة التي تمثل بعض الأبراج فيما يسمى بـ “دائرة الأبراج”، فما هي الأبراج؟ وما الذي يميز هذه المجموعة من النجوم؟
تخيل أيها القارئ خطًا مستقيمًا مرسومًا من الأرض يمر عبر الشمس ليصل إلى الفضاء الخارجي خارج نظامنا الشمسي حيث توجد النجوم، ثم تخيل الأرض تتبع مدارها حول الشمس، سوف تجد أن هذا الخط الخيالي يدور مشيرًا إلى نجوم مختلفة خلال سنة كاملة، أو رحلة واحدة حول الشمس، فيقال إن جميع النجوم التي تقع بالقرب من القرص الخيالي المسطح، الذي عبَره هذا الخط الوهمي تقع في “دائرة الأبراج”، إذن فمن الواضح أن مجموعة النجوم في “دائرة الأبراج” هي: النجوم التي يشير إليها هذا الخط الخيالي الممتد في رحلته التي استمرت لمدة عام.
والأبراج: هي مجموعة من النجوم يمكن تشبيهها بأحجية منقطة، إذا وصلت بين نقاطها -التي هي في أصلها نجوم- ستبدو لك صورة لشيء ما، إما حيوان أو شخص أو غير ذلك، وقد تكون هذه النجوم غير مترابطة على الإطلاق.
إن أقرب نجم لنا هو أبعد مما يمكننا تصوره؛ ونظرًا لكونها بعيدة جدًا، فإن أشكال ومواقع المجموعة النجمية -الأبراج- تتغير ببطء شديد جدًا في سماء الأرض، وقد يستغرق تغيرها بشكل كلي حياة بشرية كاملة.
نظرة تاريخية:
قام البابليون -الذين عاشوا قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة- بتقسيم “دائرة الأبراج” إلى اثني عشر جزءًا متساويًا، ثم قاموا باختيار اثنتي عشرة مجموعة من النجوم في “دائرة الأبراج”، كل مجموعة منها تقع في شريحة من الشرائح السابقة، وعندما تدور الأرض حول الشمس يبدو للناظر أن الشمس تمر عبر كل جزء من أجزاء الأبراج الاثني عشر. ونظرًا لكون التقويم البابلي يتكون في الأصل من اثني عشر شهرًا مبنيًّا على مراحل القمر، فقد حصل كل شهر منها على شريحة واحدة من “دائرة الأبراج”.
ووفقًا لأساطير البابليين القديمة فقد كانت “دائرة الأبراج” تحتوي في الأصل على ثلاث عشرة مجموعة من النجوم، اضطروا إلى استثناء واحدة منها، ومع ذلك فإن بعضًا من مجموعات النجوم المختارة لم تتناسب تمامًا مع حجم الشريحة المخصصة لها، فأصبح جزء من المجموعة ينتقل إلى الشريحة التالية اضطرارًا.
عندما اخترع البابليون علامات الأبراج لأول مرة كانت ولادة شخص ما بين (23 يوليو، و22 أغسطس) تعني أنه ولد تحت برج الأسد، أما الآن وبعد ثلاثة آلاف سنة فهذا قد تغير؛ لأن السماء تغيرت، فمحور الأرض -القطب الشمالي- لم يعد يشير إلى نفس الاتجاه تمامًا.
تختلف الأبراج -مجموعات النجوم- عن بعضها البعض في الأحجام والأشكال؛ لذا فإن الشمس تقضي فترات زمنية مختلفة عند كل واحدة منها، فنجد الخط الممتد من الأرض عبر الشمس يشير إلى برج العذراء لمدة خمسة وأربعين يومًا، في حين أنه يشير إلى برج العقرب لمدة سبعة أيام فقط.
تجاهل البابليون حقيقة تحرك الشمس عبر ثلاث عشرة مجموعة نجمية؛ حتى يحصلوا على تطابق منظّم مع تقويمهم المكون من اثني عشر شهرًا.
نحن إذن لم نغير علامات “الأبراج”، وإنما قمنا بالحسابات التي أثبتت لنا عدم ثبات الأبراج، وعدم علميَّتها على الإطلاق.
المصدر: وكالة ناسا Nasa- المركز الوطني للملاحة الجوية، وإدارة الفضاء الأمريكية. /span>
المقال المترجم يتضمن معلومات يمكن الاستفادة منها، ولا يلزم من نقله موافقة الكاتب في منطلقاته أو إقرار معتقده وتوجهاته.